كان العرب في الكثير من الأحيان يعبرون بالشعر عن أحوالهم ليس فقط في الحرب والحب لكن أيضا في وصف الأحوال. وهناك الكثير من الشعر الطريف حملته كتب النوادر والحكايات. ومن أطرف الحكايات أن أبا نواس عقد صفقة لشراء شاة بالشعر وكان البائع يرد عليه بشعر طريف وهو ما يرويه إبراهيم بن عمر قائلا: خرج أبو نواس في أيّام العشر يريد شراءَ أضحية، فلمّا صار في المربد إذا هو بأعرابي قد أدخل شاة له يقدمها كبشٌ فارهٌ. فقال لأجرِّبنّ هذا الأعرابي فأنظر ما عنده فإني أظنّه عاقلاً ،فقال أبو نواس:
أيا صاحب الشّاة الّتي قد تسوقها
بكم ذاكم الكبش الذي قد تقدّما
فقال الأعرابيّ:
أبيعكه إن كنت ممّن يريده
ولم تكُ مزّاحًا بعشرين درهمًا
فقال أبو نواس:
أجدت رعاك الله ردَّ جوابنا
فأحسن إلينا إن أردت التّكرما
فقال الأعرابي:
أحطُّ من العشرين خمساً فإننّي
أراك ظريفاً فأقبضنه مسلماً
قال فدفع إليه خمسة عشر درهما وأخذ كبشا يساوي ثلاثين درهما.
وقال الأصمعي أتيت البادية فإذا أعرابيّ قد زرع برّاً فلمّا استوى وقام على سنبله مرّ به رجلٌ من جرادٍ وتضيّفوا به فجعل الأعرابي ينظر إليه ولا حيلة له فأنشأ يقول:
مر الجراد على زرعي فقلت له
ألمم بخيرٍ ولا تلمم بإفساد
فقال منهم عظيمٌ فوق سنبلةٍ
إنّا على سفرٍ لا بد من زاد
وهناك أشعار انشدها شعراء في وصف البخلاء ومن أظرف ما قيل في بخيل:
وأخٍ مسّه نزولي بقرحٍ
مثلما مسّني من الجوع قرح
قال إذ زرت وهو في شدة السكرة
بالهمّ طافح ليس يصحو
لم تغرّبت قلت قال رسول الله
والقول منه نصحٌ ونجح
سافروا تغنموا فقال وقد قال
تمام الحديث جوعوا تصحّوا